دخلت “رياح التغيير العربية” الى البلدان العربية بعد سنوات طويلة من “السكون” الذي اصاب حياتها السياسية للاطاحة بالانظمة الحاكمة منذ سنوات طويلة تحت عناوين “مشرقة” تغلف القمع والفساد المسيطر، وبدأت هذه الانظمة تتساقط الواحد تلو الآخر كما تتساقط احجار الدومينو عند سقوط الحجر الاول.
“الحجر” الاول كان تونس عندما سقط نظام زين العابدين بن علي بعد 24 سنة من الحكم القمعي والبوليسي بالاضافة الى الفساد الاداري والاقتصادي الكبير الذي قام عليه النظام.
مصر كانت “الحجر الثاني”، فبعد احتجاجات شعبية استمرت 18 يوما نجحت الثورة في انهاء حكم حسني مبارك، الذي استمر 30 عاما تميزت بالقمع والفساد حيث تقدر ثروة اسرته بحوالي 70 مليار دولار، بعد ان حاول حتى اللحظة الاخيرة “الصمود” والتمرد والالتفاف على الارادة الشعبية، والسؤال الذي يطرح بقوة الان في الاوساط العربية هو من سيكون التالي؟
“السياج الخامس” تدعو للتظاهر بالكويت
اطلق شباب كويتيون منذ مدة دعوات لتنظيم تظاهرة كبيرة امام مبنى مجلس الامة في 8 شباط احتجاجا على “الممارسات غير الديمقراطية” للحكومة وللمطالبة باقالتها.
والشباب الذين يشكلون مجموعة اطلقوا عليها اسم “السياج الخامس”، اعلنوا انهم يستخدمون شبكة التدوين والتواصل “تويتر” للسماح للناس باستخدام هواتفهم الجوالة واجهزة الكمبيوتر لبث رسائل قصيرة تدعو الى التجمع باعداد كبيرة، وعلى الرغم من التراجع عن موعد التظاهرة بعد اقالة وزير الداخلية الا ان المجموعة اكدت “إننا لا نزال كشباب مؤمنين بأن رحيل هذه الحكومة ككل هو الاستجابة الوحيدة لمطالبنا، ورغم هذا كله فإننا نؤجل ما كان مقرراً من تجمع أمام مجلس الأمة إلى موعده الجديد في 8 آذار المقبل”، أي تاريخ انعقاد الجلسة المقبلة للبرلمان.
اما رد الامير صباح الأحمد الصباح على مطالب المعارضة فكان صرف “منحة” مالية للمواطنين بقيمة اجمالية تبلغ اربعة مليارات دولار بمقدر 1000 دينار لكل مواطن، وتقديم الغذاء مجانا لمدة 14 شهرا لحاملي البطاقة التموينية على أمل ان يبقيه ذلك في الحكم مدة اطول و”يسكت” الشعب.
المعارضة اليمنية تطالب بالتغيير الان
وفي اليمن تشهد المدن الرئيسية العديد من المظاهرات التي دعت اليها احزاب “اللقاء المشترك” المعارضة للرئيس اليمني علي عبدالله صالح والتي ترفض احتكار السلطة وتطالب بتقاسم الثروة والتغيير الديمقراطي في اليمن وتداول السلطة على الرغم من اعلان صالح عدم نيته الترشح لولاية جديدة ورفض مبدأ توريث الحكم، الا ان الشعب اكد انه يريد اسقاط النظام الان.
المغرب يرفض “حكم الفرد المطلق”
أما في المغرب فلقد بدأت الدعوات للتظاهر في 20 شباط عبر موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” تحظى بتأييد الآلاف من المواطنين بهدف ما اطلق عليه “استعادة كرامة الشعب المغربي والحث على إصلاحات ديمقراطية ودستورية وحل البرلمان”.
وفي السياق نفسه اعلنت جماعة “العدل والإحسان” المعارضة أنّ “حكم الفرد المطلق” لن يمحى إلا إذا طبقت الدولة إصلاحات ديمقراطية كبيرة، أو أن “يأخذ الشعب المبادرة ويتحرك بشكل سلمي لإنهاء الاستبداد”.
وأشارت الجماعة في بيان نشر على موقعها على الإنترنت الى أن “الاحتجاجات في مصر وتونس لا تترك مجالا اليوم لأي تشوهات أو تعهدات خاوية وكاذبة”.
واكدت أن “الفجوة بين الحاكم والمحكوم اتسعت والثقة أصبحت منعدمة”، مشددة على أن الحل “إصلاح ديمقراطي عميق وعاجل ينهي حكم الفرد المطلق ويلبي حاجات ومطالب الشعب”.
المعارضة الجزائرية اوصلت الرسالة: نريد اسقاط النظام
بالانتقال الى الجزائر، بدأت السبت الماضي المظاهرات الاحتجاجية على حكم الرئيس عبد العزيز بو تفليقة، وعلى الرغم من تدخل الآلاف من رجال الامن الذين منعوا المظاهرات التي كانت تسعى لمحاكاة الثورة المصرية الا ان الرسالة وصلت بان الشعب يريد اسقاط النظام في الجزائر واعلن عن مظاهرة جديدة في 19 الحالي.
القذافي يهدد المعارضين
أما في ليبيا فقد حذر الزعيم الليبي معمر القذافي من أي “محاولة لإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار فى ليبيا”، مع الإعلان عن يوم غضب في السابع عشر من شهر شباط الحالي.
وهدد القذافي كما ذكرت وسائل اعلام ليبية نشطاء وصحفيين وإعلاميين التقاهم على مدى 3 أيام في لقاءات غير معلنة من أن قبائلهم ستتحمل المسؤولية في حال قاموا بعمل يخل بالأمن، ويسبب الفوضى.
وكان القذافي قد حذر الليبيين في وقت سابق من استخدام “الفيسبوك” للإخلال بالنظام، كما هاجم قناة “الجزيرة”، واتهم عملاء الموساد بالوقوف وراء الثورة المصرية.
المعارضة الاردنية تتخطى “الخطوط الاحمر”
وفي الاردن بدأت الاحتجاجات بعد ان اسقطت حكومة سمير الرفاعي تأخذ منحى جديدا بتوجيه كبرى العشائر الاردنية، التي تعتبر دعامة للنظام قبل ايام، نقدا مباشرا غير مسبوق للملكة رانيا عقيلة الملك الاردني عبد الله الثاني واتهامهم لها بالفساد متجاوزين بذلك “الخطوط الحمراء” حيث يعاقب كل من يهاجم أي فرد من افراد العائلة المالكة بالاردن بالسجن لمدة قد تصل الى ثلاث سنوات. وطالبت 36 شخصية تنتمي الى كبرى العشائر التي تمثل العمود الفقري للدولة الاردنية في بيان من الملك عبد الله “بالامر الى اعادة اراضي الخزينة والمراعي والميري الى ما كانت عليه قبل تطويبها واعادة كل ما صار بأسم أسرة آل ياسين “أسرة الملكة رانيا” الى خزينة الشعب الاردني لان هذا ملك للشعب.
الملك يشتري صمت الشعب في البحرين؟
أما في البحرين فتحاول المؤسسة الملكية وعلى رأسها الملك حمد بن عيسى آل خليفة استعمال المال من أجل تجنب أي مظهر احتجاجي مرتقب تفعيله من قبل الشعب خلال الأسبوع الحالي، من خلال اعلان الملك البحريني عن “هبة ملكية” قدرها 1000 دينار بحريني لكل اسرة بمناسبة حلول الذكرى الـ10 لإقرار الميثاق الوطني بالبحرين في ظل دعوات للتظاهر في الذكرى.
“حزب الامة الاسلامي” يخرق الصمت في السعودية
لكن المفاجأة الكبرى كانت في السعودية حيث خرقت مجموعة من الناشطين السياسيين والمهتمين بالشأن العام الصمت المسيطر على المملكة منذ تأسيسها من خلال تسليم خطاب للديوان الملكي يعلنون فيه تأسيس أول حزب سياسي السعودية باسم “حزب الأمة الإسلامي”، راسماً الخطوات اللازمة لمواكبة الإصلاحات الجارية بالبلاد، وتحقيق انفراجات سياسية لحماية السعودية من الاضطرابات والتوترات التي تعم المنطقة.
واعلن “حزب الامة الاسلامي” انه يؤمن بالحرية والتداول السلمي للسلطة والمشاركة ويعتبر ان المهم هو الخطوة الاولى المتمثلة بالسماح بالعمل الحزبي.
واشار الى ان فرص الموافقة على نشاط الحزب ممكنة، متوقعا أن توافق الحكومة السعودية على ذلك.
واعلن أن أهداف الحزب تتمثل في “تحقيق الحرية السياسية الشرعية وتحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة الشرعية وضمان جميع الحقوق المشروعة للمرأة، وحماية الثروات الطبيعة، والعمل على تقسيم الثروة تقسيما عادلاً”.
من المؤكد ان ارادة الشعوب ستنتصر في النهاية وستحمل الايام المقبلة الافضل للشعوب العربية الطامحة للحرية والديمقراطية، لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو من ستكون الشخصية التي ستلحق ببن علي ومبارك؟ على أمل ان لا تستغل الثورات الشعبية من قبل بعض الوصوليين الطامحين للسلطة على حساب شعوبهم.