ثمة من يدعمكم..
|
يكاد لا يمرّ يوم إلا ويخرج الفلسطينيون من بيوتهم المتهالكة في مخيمات اللجوء في لبنان، للاعتصام أو التظاهر، مطالبين بأدنى حقوقهم في بلاد الشتات: حق العيش الكريم، وحق الاستشفاء والطبابة، وحقّ التعلّم، وحق العمل، وصولا الى حقّ العودة.
حقوق تتقلص حتى تكاد تخنق حناجر اللاجئين، فتخرج من أفواههم بإلحاح، على أمل أن يسمعهم المعنيون. من قبل ومن بعد اندلاع ثورة البوعزيزي في تونس، ثم ثورة النيل في مصر، يخرج اللاجئون من مخيماتهم، ويخرجون عن صمتهم فوق أرض ليست أرضهم، في «يوم الأرض» وغيرها من المناسبات، مكررين مطالبهم التي تتضخم على قدر تدني حجم الخدمات ومستواها. وهم في مطالبهم، يبدون كمن يصرخ في العراء. يخرجون مطالبين بإنهاء الانقسام في فلسطين، ويقولون إنهم يريدون إلى فلسطين سبيلاً. يعودون إلى بيوتهم في المخيمات، بيوت «علب السردين» المتلاصقة في رقعة اسمها مخيم، تفتقر إلى أدنى معايير العيش الإنساني، ثم يستيقظون على تظاهرات جديدة .. أحلام جديدة. هم، في مسيراتهم الداعمة لفلسطين، كانوا كمن يقوم بثورته الخاصة، قبل تونس ومصر وغيرهما، ومن بعدهما. لاجئون مغيّبون قسراً عن وطنهم. بعيدون عن بلادهم، وفي بعدهم المجحف، يعيشون حياة مهمشة، حاملين بطاقات زرقاء لا تسمح لهم بالخروج من المخيم، أو النفاذ من همومه. لم يتخيّل اللاجئون الفلسطينيون أنهم سيلقون دعماً، ذات يوم، في ما كانوا ينادون به. فهم وحيدون في الشتات، لهم حقوق مسلوبة، وعلى أكتافهم قضية لا تغيب عن ألسن أطفالهم ووجدانهم منذ ولادتهم. يحملون على أكتافهم قضية العودة. هم من يدعم، وهم من يساند ويؤازر. هكذا تعوّدوا، وشبّوا، وما يئسوا. اليوم، ثمة مجموعة شبابية فلسطينية تعمل على التحضير لمسيرات داعمة لحقوق أبناء المخيمات الذين – ومن دون أن ينتبهوا – سيجدون أنفسهم من المنظمين للمسيرات، وليس من المشاركين فحسب. مسيرات فلسطينية، في أرض غير فلسطينية، داعمة لمسيرات اللاجئين؟ داعمة لمسيرات كانت تدعم مسيرات في فلسطين؟ تركيبة تدلّ على مدى التواطؤ الضمني بين الفلسطينيين في لبنان وفي خارجه، تتسم بتبادل للأدوار من دون أن يطلب أي طرف ذلك من الآخر. في مسيرة تنظم الأحد المقبل في صيدا، سيهتف المشاركون «الشعب يريد إلى فلسطين سبيلاً». والمسيرة ثمرة اجتماعات مكثفة لمجموعة مؤلفة من عشرين شابا فلسطينيا، تباحثوا في أفكارهم ومطالب أترابهم في الشتات، تبعتها اجتماعات إضافية موسعة، بلورت الأفكار المطروحة وسبل إخراجها إلى الملأ. وقبل أن يرددوا مطالبهم التي يعرفها الجميع، ويتجاهلها الجميع، مطالبهم المتعلقة بحقوقهم المسلوبة، سيقولون للاجئين الفلسطينيين «ثمة من يدعمكم»، وسيقولون للفلسطينيين غير المقيمين في المخيمات «ثمة من ينتظر دعمكم». وصيدا لن تكون إلا بداية مسيرات مقررة في الشمال وفي صور وفي بعلبك وفي بيروت. بداية لـ»أيقونة» تخبر عن جمالية الدفاع عن الحقوق، والدفاع عن المُدافع.. ولو في أرض الشتات.
|