يختصر المشهد السياسي اللبناني اليوم ، في ما جرى ما بين الطابق الثاني والثامن في وزارة الاتصالات . وكأن الآذاريين يفتشون عن مشكلة ما يمرّرون فيها الوقت لانضاج ظروف خاصة بكل منهما للانقضاض على الآخر .
اختزلوا أزمة البلد في الطوابق وبدأ التجييش . أخذ جهابذة القانون يفسرون الدستور والقوانين كل من موقعه حسب مصلحة هذا الطرف أو ذاك ،متسلحين بمراسيم من هنا وقوانين من هناك ، على اعتبار أن مشاكل البلاد والعباد قد حلًت ، ولم يبق الا الهبة الصينيّة للاختلاف عليها وبمسؤولية من توضع . وهل هي منبر للتجسس على سوريا ودعم للمعارضة ، أم هي للتنصت ،أو لبيع خطوط جديدة على حساب الدولة . لم نعد نفهم هدف وجود هذه الهبة وهي منذ أربعة سنوات ، ولماذا فتح هذا الملف الآن . وكأنه غير كاف أيضاً وفي هذا السّياق ، أدخلونا في دوامة جديدة حول قانونية عقد جلسات مجلس النواب ودور المجلس في التشريع في مرحلة حكومة تصريف الاعمال . تبدلت الأدوار ، واصبحت 14 آذار تعطل المجلس بعد أن كانت 8 آذار قد عطلته سابقاً لمدة سنتين . هذا السيناريو نعيشه اليوم ، بانتظار تحوّل ما في المعادلة الاقليمية يساعد هذا الطرف أو ذاك في تعزيز مواقعه الداخلية .
ويختصر هذا المشهد أيضاً ، مواقف السلطات الطائفية التي تتحكم بالوضع السياسي في لبنان ، حيث أن المرجعيات الطائفية والمذهبية هي الحاكم الفعلي وليس المؤسسات . فكل خلاف بين مسؤولين ، وزراء كانوا أو مدراء عامّين ، تتم معالجته على طاولة ” مجلس المرجعيات الطائفية ” وليس على طاولة مجلس الوزراء بظل حكومة تصريف أعمال أو حكومة عادية . كما ويتم صرفه اذا تعذر الأمر باللجوء الى الشارع وتحريك النزعة المذهبية المتأهبة دائماً للتحرك عند كل الطوائف .
وعند كل أزمة نعيشها ، يبدأ الحديث مجدداً من هنا وهناك عن ضرورة تعديل الطائف واعادة الصلاحيات لرئيس الجمهورية ، مع انه حتى الآن لم يتم تنفيذ البنود الأساسية للطائف الذي هو الدستور ، لجهة قانون عصري للانتخابات على اساس النسبيّة وجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة ، والغاء الطائفية السياسية ،وانشاء مجلس الشيوخ. فمع كل الاحترام والتقدير لكل المرجعيات الروحية ، حبذا لو يتم التشدد بالمطالبة لتنفيذ الدستور قبل تعديله ، واستغلال هذا الوقت الضائع ، بدفع القوى السياسية للبدء في ورش عمل قانونية سياسية توصي باصلاحات جدية للنظام السياسي ، تبدأ بتعديل قانون الانتخاب علّنا نصل نحن أو أولادنا الى يوم نشعر فيه أننا في ظل دولة القانون والمؤسسات لا دولة المزرعة .
نبيل السعودي