أيام قليلة تفصل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عن استحقاق يعتبر الأهم في تاريخ لجوئهم، حيث من المقرر مناقشة إعطاء اللاجئين الفلسطينيين بعض الحقوق المدنية والإنسانية في جلسة لمجلس النواب اللبناني في الثالث عشر من الشهر الجاري.
وقد تأجل التصويت على مشروع طرحه النائب وليد جنبلاط يقترح تسهيل حياة الفلسطينيين في لبنان في جلسة سابقة منتصف الشهر الماضي، وجاء التأجيل نتيجة احتجاجات من العديد من النواب ولا سيما المسيحيون منهم.
المعترضون على المقترح اعتبروا أن من شأن المشروع أن يسهم في توطين الفلسطينيين في لبنان، الذي سيؤثر بالتالي على التوزيع الديمغرافي للطوائف اللبنانية ويزيد الأعباء الاقتصادية على البلاد.
وإثر طرح المشروع، عمدت الفصائل الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني لإجراء اتصالات مع الأطراف اللبنانية بهدف تبديد المخاوف إزاء إعطاء الفلسطينيين حقوقا مدنية.
ففي اجتماع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني أكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري على أن لبنان لن يتهرب من واجباته تجاه الفلسطينيين، مشيرا إلى أن تلك الواجبات يجب ألا تكون “خاضعة لأي تأويل أو التباس”.
وفي لقاء مع الجزيرة نت أثنى المسؤول السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في لبنان -علي بركة- على المشروع، معتبرا أنه سيتيح لللاجئين الفلسطينيين بعض حقوقهم.
وأكد على أن الفصائل الفلسطينية تتواصل مع الكتل البرلمانية اللبنانية لإقناعها بإنفاذ المشروع، مشيرا إلى أن معظم الأطراف اللبنانية وعدت بدعم المشروع.
وتوقع بركة أن تمر معظم بنود المشروع في الجلسة البرلمانية المقبلة لعدم وجود رفض كامل له، آملاً أن يقر بشكل كامل في جلسات لاحقة من خلال الحوار اللبناني الفلسطيني الهادئ والهادف.
واعتبر بركة أن إقرار الحقوق المدنية والإنسانية للاجئين في لبنان سيشكل مدخلاً صحيحاً لبناء علاقات سليمة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، وتؤسّس لمرحلة جديدة من العلاقات الأخوية تساعد على مواجهة مشاريع التوطين حتى يعود الفلسطينيون إلى أرضهم.
تبديد الهواجس
من جانبه لفت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية مروان عبد العال -في حديث للجزيرة نت- إلى أن الفصائل الفلسطينية تلقت إشارات إيجابية من الدولة اللبنانية بأن المشروع المحال لمجلس النواب غير قابل للتراجع وسيجري بحثه بشكل جدي، بعدما جرت بعض المقاربات والتطمينات لهواجس الخائفين.
واعتبر عبد العال أنه إذا سقط المشروع في مجلس النواب فإن ذلك سيؤدي إلى إثارة قلق اللاجئين الفلسطينيين، وسيثير ريبتهم لما سيخلفه من شعور بالإقصاء.
وبشأن هواجس المتحفظين، اعتبر عبد العال أنها غير مبررة خاصة أن لبنان ليس وحده من يستضيف لاجئين، فهناك عدد كبير من الدول العربية والأجنبية التي تستضيف لاجئين.
أما عن الأعباء الاقتصادية فأكد عبد العال أنه تم إعداد جدوى اقتصادية تشير إلى أن عمل الفلسطيني يعود بالنفع الاقتصادي على لبنان، خاصة أنه يعمل وينتج وينفق في لبنان، لافتاً إلى أن الحديث عن التوازنات الديمغرافية غير مبرر، لأن الفلسطينيين يرفضون التوطين.
مزايدات
من جهته اعتبر عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية علي فيصل أن مشروع حقوق الفلسطينيين في لبنان فُتح على صراع وتجاذب داخلي لبناني، وعلى اصطفافات ومزايدات طائفية وسياسية لا علاقة لها بالحقوق الإنسانية.
ولفت فيصل إلى أن الفلسطينيين في لبنان هم قوة منتجة ساهمت في بناء الاقتصاد اللبناني وهم دعامة من دعاماته.
وأكد على أن الفلسطينيين في لبنان وفي غيره يرفضون التوطين لأن في ذلك تفريطا بحقهم في العودة وإنما يسعون لنيل حقوق مدنية.
ورفض فيصل التعاطي مع الفلسطينيين في لبنان على أنهم محسوبون على طائفة ما في لبنان.
وأضاف أن الشعب اللبناني الذي يرسل أساطيل الحرية لفك الحصار عن غزة، لا بد أن يسعى كذلك لتسهيل شؤون اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.