المشهد كان سريالياً. دولة مقنّعة، وعناصر أمنية ملثّمة تقتحم وتحاصر، وتعتدي بالضرب على المتظاهرين. هل أصبحت الدولة ميليشياوية؟ هل أصبحنا في زمن تتخفى فيه الشرعية؟ هذا ليس سريالياً. سأل “لبنان 24” مصدرا أمنيا عن سبب إرتداء بعض العناصر الأمنية لأقنعة تخفي وجوههم، فجاء الجواب صادماً، أشِقاء هؤلاء في المقلب الآخر، يعتصمون!
أسئلة عدة تطرح هنا، لماذا لا يراد للمتظاهرين معرفة أن أشقاءهم من بين الأمنيين؟ من لديه غاية في عدم تهدئة الأجواء؟ ومن لا يريد دفع المتظاهرين الى التهجم على عناصر الأمن باعتبارهم أعداء؟
يحمّل المعتصمون، بعضهم ربما، عناصر قوى الأمن ما لا يحملون. يطلبون منهم الإنضمام إلى الثورة، يقولون لهم، “وضعكم سيء، معاشك قليل، والنفايات تملأ الشوارع، إنضموا إلينا”. سذاجة! يعرف الجميع أن عناصر القوى الامنية، مأمورون، والضباط كذلك. و”الثورة” التي أنزلت 2000 متظاهر ليست حامياً لمن يتخلّف عن الخدمة العسكرية. التجربة في سوريا أوضح، على رغم ان نصف الشعب وربما أكثر ثار، وتسلّح، وأمّن رواتب للمنشقين، وعلى رغم أن دولاً لا تُعد ولا تحصى إعترفت بالثورة، بقي الجيش من دون انشقاقات فعلية، لا لشيء إلا لأن الخوف من خسارة وظيفة وتالياً مصدر العيش لا يعادله خوف.
قرب أحد مداخل الباحة الخارجية حصل نقاش حاد بين المتظاهرين وأحد العناصر الأمنية. إتهم المتظاهرون الرجل، بأنه حامي الوزير، فأجاب: أنا أحمي السلطة. قد تتغيّر وتستلموا انتم السلطة، وسأحميكم أنا ورفاق سلاحي!. انا لا أحمي شخصا. فرد المتظاهر: “انت تحمي الفساد”. فأجاب العنصر: “انا امنع الشغب، وأدافع عن نفسي عندما يهاجمنا المتظاهرون. أقوم بوظيفتي”. فردّ المتظاهر مجدداً بجواب بدا انه سيحسم النقاش لصالحه: “انت عايش بفساد، وضعك السيء سببه هؤلاء النواب والوزراء، كرمال اولادك ومستقبلهم عليك ألّا تقمعنا، او تدافع عنهم”، فأجاب العنصر: “من انتخب الفاسد؟ أنا؟ العسكري أم المدني؟ أنا مع الثورة لكنكم جعلتم الثورة ضدنا، انتم يا شريك من انتخب الفاسد، وليس نحن!”
(“لبنان24”)