بقلم نبيل السعودي
مسلسل جديد ضمن مسلسلات الشرق الاوسط الجديد من الفوضى المستمر. البيئة اللبنانية للانقسامات المذهبية ناضجه، وجاهزة لردات الفعل من هنا والفعل من هناك. تبقى الظروف الاقليمية هي التي تقرر ما يحصل في عرسال ، ان يكون مقدمة لحدث كبير ام تفاوض على حدث اكبر ربما يبدأ بانتخايات رئاسة الجمهورية وينتهي بتشكيل حكومة جديدة مع اعطاء ضمانات للافرقاء المعنيين للمرحلة القادمة.
ولكن ليس كل ما يخطط له يسير كما هو مرسوم، وتبقى احلام البعض تطغى احياناً واصحاب المشاريع الخاصة يمكنهم الانفلات عن مستخدميهم لتحقيق مآربهم الفكرية او السياسية. وكما يقال ان بداية المعركة يمكن التحكم بها انما نهايتها تبقى مجهولة المصير، وخاصة في بلد مثل لبنان محاطاً بارض مزروعة بالغام مجهولة الخرائط من جميع الجهات. في هذا السياق تأتي مراهنات البعض على ما يجري في عرسال وامتداداته الى طرابلس ، فرصة لتحقيق اهداف معينة ، انعكاساً لما يجري في المنطقة. ربما يحاول البعض الاستقواء ” بالوجود السوري” بشقيه من جديد ، كما سبق واستغل المرحلة السابقة ، وقبله بالوجود الفلسطيني في السبعينات، وذلك لممارسة الضغط على الطبقة السياسية او لمحاولة خرق هذه الطبقة وتحقيق مكاسب سياسية في المرحلة المقبلة. هل يعيد التاريخ نفسه في لبنان هذه المرة ايضاً ؟ ام ان القوى السياسية ستتعلم من التجارب المريرة التي ادخلت فيها البلد ، وخاضت حروباً ما كانت الا وبالاً على البلد واقتصاده ، ومأساوياً على شعبه . فلبنان بلد متعدد ومتنوع لا يمكن ان يقوم الا بالتوافق بين مكوناته الاساسية . عذراً اننا نقول مكونات وليس مواطنين في دولة حيث اننا ما زلنا في الطور الاول من المدنية، متظللين بطوائفنا ومذاهبنا ان لم نقل قبائلنا وعشائرنا لحماية حقوقنا كما ندعي ، انما الحقيقة هي حمايةً لمصالح المتربعين على عروش هذه المذاهب ، الذين وبسحر ساحر ، يتوافقون على تقسيم الحصص او على تنفيذ كلمة سر تأتيهم همساً من الخارج . فخلافاتكم وتوافقاتكم إكتوينا بهما ،والامثلة كثيرة من تمديدكم لولايتكم النيابية ،الى سلسلة الرتب والرواتب وصولاً الى قانون الانتخاب، وخلافاتكم في الانتخابات الرئاسية والتعيينات الادارية.
والمنطقة قادمة على تقسيمات جديدة للدول وتحولات جذرية في المشاريع السياسية، لاسيما بعد ما تشهده هذه الدول من تهجير قسري لطوائف ومذاهب باكملها ، تمهيداً لقيام دول من نوع جديد بعد مرور مئة عام على اتفاقية سايكس _ بيكو .
بإختصار إننا أمام حلقة لبنانية جديدة من المسلسل ، فحذار من اللعب بالنار هذه المرة.