بحضور الرئيس السنيورة والنائب الحريري والسعودي مختلف أطياف المدينة وفاعلياتها
إحتفال حاشد للمجلس الأهلي لمكافحة الإدمان في بلدية صيدا
لإستعراض حصاد سنتين على إطلاق العمل في المركز الوقائي الإجتماعي
المصدر: غسان الزعتري ورئيفة الملاح / المكتب الإعلامي لبلدية صيدا
لبت مختلف أطياف مدينة صيدا دعوة المجلس الأهلي لمكافحة الإدمان للإحتفال في بلدية صيدا (قاعة الحاج مصباح البزري ) وذلك لإستعراض أعمال المجلس بمناسبة مرور سنتين على إطلاق العمل في المركز الوقائي الإجتماعي التابع له ، والهادف للحد من ظاهرة تعاطي المخدرات ومكافحتها ، حيث تم تأسيس المجلس بمبادرة ودعم من الرئيس فؤاد السنيورة، وبتمويل كويتي من الشيخ بدر الحميضي ومن الصندوق العربي للإنماء الإقتصادي والإجتماعي.
وقد تلاقت هذه المبادرة مع احتضان بلدية صيدا وجهود 12 جمعية ومؤسسة اهلية تمثل مختلف الأطياف الفاعلة في المدينة والجوار مع مبادرة من الحاج احمد نجيب نحولي بتقديم مقر مؤقت للمركز في الهلالية.
حضر الحفل نائبا صيدا الرئيس فؤاد السنيورة ومعالي السيدة بهية الحريري، ومفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، ومفتي صيدا والزهراني الجعفري الشيخ محمد عسيران، وممثل المطران الياس الكفوري الأب نقولا باصيل، ومحافظ الجنوب الأستاذ منصور ضو، ورئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي، المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في الجنوب الدكتور بسام حمود، وامين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامه سعد، والرئيس السابق لبلدية صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري ، منسق تيار المستقبل في صيدا والجنوب الدكتور ناصر حمود، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب السيد محمد صالح، رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها السيد علي الشريف ممثلا بعضو الهيئة الإدارية وعضو المجلس البلدي المهندس محمود شريتح ، ورئيس الشبكة الاقليمية للحد من المخدرات السيد ايلي اعرج، وممثل قائد منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد سمير شحادة الملازم اول هاني القادري، ورئيس مكتب مكافحة المخدرات في الجنوب المقدم هنري منصور ، ومدير دار العناية الاب نقولا صغبيني، والسفير عبد المولى الصلح ، رئيس تجمع المؤسسات الأهلية في صيدا السيد ماجد حمتو، ورئيس الشبكة المدرسية في صيدا والجوار الأستاذ نبيل بواب وأعضاء المجلس البلدي السيد محمد قبرصلي والمهندس علي دالي بلطة والأستاذ كامل كزبر ، جمع من الشخصيات وممثلون عن قوى لبنانية وفلسطينية وهيئات إجتماعية ونقابية وصحية وتربوية وإقتصادية وقانونية وغيرها.
وكان في إستقبال الحضور رئيسة المجلس الأهلي لمكافحة الإدمان عضو المجلس البلدي ورئيسة جمعية المواساة السيدة عرب رعد كلش وأعضاء الهيئة الإدارية في المجلس.
إستهل الحفل بالنشيد الوطني اللبناني ، فكلمة ترحيب من عريف الحفل السيد طارق ابو زينب ، ثم عرض لشهادة مصورة لاحدى الحالات التي تابعت علاجها عن طريق المركز الوقائي الاجتماعي التابع للمجلس واستطاعت الاقلاع عن تعاطي المخدرات.
وكذلك كانت شهادة مؤثرة من ام تابعت حالة ابنها ايضا عن طريق المركز وطلبت مساعدة الحاضرين لتخليصه من هذه الآفة ..
ثم تحدث كل من عضو المجلس الاهلي رئيس تجمع المؤسسات الاهلية في صيدا والجوار السيد ماجد حمتو ومسؤول اللجنة الادارية في المجلس السيد جورج حايك، حيث جرى استعراض لاهداف ورؤية المجلس الاهلي لمكافحة الادمان وحصاد سنتين من اعماله، وكذلك الاهداف المستقبلية التي يتم العمل عليها لجهة بناء مستشفى تخصصي في منطقة القرية لمعالجة المدمنين ..
السعودي
ثم تحدث رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي فقال
ها نحن نجتمع اليوم بعد سنتين من انطلاقة المركز الوقائي الاجتماعي التابع للمجلس الاهلي لمكافحة الادمان . وان كانت هذه مناسبة لاستعراض انجازات المركز، الا أنني سوف اترك هذا الجزء لاصحاب الاختصاص ، لأتحدث عما وصلنا اليه من انحطاط على مستوى الاستهتار بصحة الناس .
مما لا شك فيه ان الحملات الاخيرة التي قامت بها وزارة الصحة قد ساهمت بشكل كبير في كشف العديد من التجاوزات التي كانت تهدد حياة المواطنين بشكل يومي . وأمام هذه الصورة تفاجئت كما تفاجىء الكثيرون بالمستوى الذي يسمح التاجر لنفسه ان يصل اليه لتحقيق الربح، حتى لو كان ذلك يعني الاتجار بصحة الناس . واذا كان من يتاجر بالطعام تسقط امامه حرمات الصحة، فما بالنا بمن يتاجر بالمخدرات ؟
ان التقارير المتتالية التي تطالعنا يوميا عما وصلنا اليه من انتشار للمخدرات بين شبابنا وطلاب الجامعات ووصلت اخيرا الى طلاب المدارس من كافة الاعمار، يؤكد لنا ان جشع مروجي وتجار المخدرات لا يعرف حدودا . قد يستغرب البعض كيف اني اتوقع من تاجر أو مروج المخدرات ان يعرف حدودا، لكن حتى الحرب لها آدابها، وحتى من يكونون في ساحة المعركة في اشد حالات العداوة يقفون امام بعض آداب الحرب، ويرسمون خطوطا حمرا لا يسمحون لأنفسهم بتجاوزها. اما موضوع المخدرات، فقد تجاوز كل الخطوط الحمر، واصبحنا في هذا المجال بحاجة ليس الى خطة عمل عادية، بل الى خطة طوارىء على مستوى الوطن ، حتى نكون قادرين على مواجهة هذه الحرب الشعواء التي لا يعرف اربابها اي آداب .
ختاما، بعد سنتين من العمل في المركز الوقائي بشكل مؤقت نبارك للمجلس الاهلي قطعة الارض الجديد التي تم شراءها، والتي سوق يتم انشاء مبنى جديد عليها، سيكون بإذن الله المركز الدائم لمحاربة الإدمان، ونقطة متقدمة على ارض المعركة.
باسمي وباسم بلدية صيدا ، اتوجه بالشكر الى كل من ساهم ويساهم في هذا المجهود
وأرحب بكم جميعا في مدينتكم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الكلش
ثم تحدثت رئيس المجلس الاهلي لمكافحة الادمان السيد عرب كلش فقالت :
أهلنا وضيوفنا .
صباح الخير والأمل ، صباح الإرادة والعزيمة، بإسم المجلس الأهلي لمكافحة الإدمان أرحب بكم في صرح بلدية صيدا .
مجلس أنشئ من صلب هذه المدينة , من مجتمع مدني فاعل ونشيط تترأسه بلدية صيدا .
بعد أن تفاقمت آفة المخدرات وأصبحت تلامس الخطوط الحمراء لتقاليد هذه المدينة العريقة وتفتك بعقول وأجساد شبابنا , حيث من المفترض أن هذه الفئة من المواطنين تقع عليهم المساهمة في تنمية مدينة صيدا والنهوض بها , فكان لا بد من إيجاد حل لهذه المشكلة المستعصية لأنه ليس هناك من سبب محدد لهذه الآفة , قد يكون الفقر المدقع وقد يكون الغنى الفاحش , قد تكون البطالة وقد يكون العمل المفرط . لذلك فمن المناسب أن لا نعلق هذه المعضلة على مشجب المشاكل العائلية والإجتماعية والسياسية , نحن نعتبر كما صنفت منظمة الصحة العالمية أن هذا المدمن هو شخص مريض وبحاجة إلى علاج جسدي ونفسي . من هنا أيقن المجتمع المدني أن من الواجب عليه إتخاذ خطوة فعالة لمعالجة هذه الآفة , مجمتمع يتحلى بالعزيمة وبالإيمان بهذه المدينة ولكن كان لا بد من وجود مبادر لتنفيذ هذه الإرادة فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم ومن أولى من دولة الرئيس فؤاد السنيورة لهذة المبادرة .
فقد تلاقى مع هيئات المجتمع المدني التي تعنى بهذا الموضوع والتي تجاوبت معه لأنها تعلم أنه ما أمسك ملفاً إلا وكانت خواتمه مسكاً وما آمن بمشروع إلا ونفذه بدقة وإتقان .
إن دولة الرئيس كان مقتنعاً ومصراً على أن يشكل هذا المجلس من كافة شرائح المجتمع المحلي بغض النظر عن إنتماءاتهم السياسية والعقائدية والدينية , لأنه مؤمن بأن هذه الآفة تطال كل مكونات المجتمع المحلي , ومن هنا تشكل هذا المجلس بتوفيق من الله ومن متابعة الرئيس السنيورة عن طريق الإتصال بأصحاب الأيادي البيضاء على مساحة الوطن اللبناني وحتى من مؤسسات عربية ودولية
أولاً : بإيمانهم بمصداقية و شفافية الرئيس السنيورة
وثانياً : بالحاجة الملحة لإقامة مثل هذا المشروع في هذه المنطقة لأنها تفتقر إلى مثل هذا النوع من المراكز بشهادة كافة الوزارات والفعاليات التي باركت هذا المشروع خاصة أنه يخدم شريحة كبيرة من المواطنين .
لم يكتف دولته بهذا بل إنه يتابع عن طريق إجتماعاته الدورية بأعضاء المجلس للإطلاع عن كثب على عمل المجلس وتزويدنا بإرشاداته القيمة لتحسين سير العمل .
كانت عائلة المدمن تحجب تعاطي إبنها هذه الآفة وتعتبرها عيباَ , ولكن بعد إنشاء المركز الوقائي الإجتماعي وبفضل ثقة الأهل بجدية العمل , أصبحت هذه العائلات تتردد إلى المركز حيث نقدم لهم المشورة والعلاج الجسدي على يد طبيبة أخصائية , كذلك العلاج النفسي بوجود معالجة نفسية . ولما كان هذا المريض يعيش ضمن بيئة , لذا كان لا بد من التوجه مباشرة إلى هذه البيئة والوقوف على الأسباب التي دفعت هذا المريض إلى تعاطي المخدرات ليصار إلى إيجاد الحلول لها عن طريق فريق عمل المركز ولا نكتفي بهذا بل نحاول لاحقاً متابعة المريض والمساعدة على تأمين عمل لائق به ضمن إمكانياتنا المتواضعة . أما مشاكله القضائية فإن فريق عمل من المحامين المتطوعين مشكوراً يتابع هذه المسائل مع المراجع المختصة .
يتردد على هذا المركز لتاريخ اليوم 110 مرضى منهم من شفي ومنهم على طريق الشفاء بعد تحويلهم إلى المستشفى للتنظيف (Detox) ومن ثم تحويلهم إلى مراكز التاهيل خارج مدينة صيدا . من هنا رأى دولة الرئيس الحاجة الملحة لإنشاء مركزاً وطنياً وإقليمياً يخدم هذه المنطقة وهو يعمل جاهد لإنشائه وسأترك الكلام لدولته للإستفاضة بهذا الموضوع .
الوقاية خير من العلاج .
تحت هذا العنوان فإن المجلس الأهلي قد وضع في خطته برنامج التوعية والوقاية الذي بوشر بتنفيذه في مدارس صيدا وجامعاتها بعد التشاور والتنسيق مع رئيسة لجنة التربية معالي النائب بهية الحريري .
وإيماناً من المجلس بضرورة إنخراط هذه الفئة من المرضى من مكونات المجتمع , فقد قام المجلس بأنشطة رياضية مختلفة ضمن المدينة لحث هذه الفئة على ضرورة التفاعل مع محيطهم وهنا لا بد لي من الإشارة أن المجلس ينسق مع كافة الوزارات المختصة , وزارة التربية , وزارة الصحة , وزارة الشؤون الإجتماعية , وزارة العمل , القوى الأمنية , مكتب مكافحة المخدرات ليأتي العمل متكاملاً .
كما أتوجه من على هذا المنبر إلى الفعاليات الدينية والروحية لإلقاء الضوء على مخاطر آفة الإدمان ومدى تعارضها مع تعاليمنا الدينية والروحية لأنه ثبت بأن الإيمان والرجوع إلى الله هو نوع من أنواع المعالجة الروحية لمرضى الإدمان والذي أتى بنتائج إيجابية في بعض الدول .
كما أتوجه بالشكر لكافة فعاليات مدينة صيدا لدعمهم لهذا المشروع الذي ما كان لينجح لولا مساندتهم وإيمانهم بالشراكة الحقيقية الفاعلة . كما أتوجه بالشكر لكل الأيادي البيضاء التي ساهمت في تسيير عمل هذا المركز .
قد يكون أبني أوإبنك , أختي أوأختك , لذا فأنا أمد يدي لكافة القطاعات لأننا جميعاً معنيون بمعالجة هذه الآفة لنصل إلى هدفنا المشترك ألا وهو العيش في مجتمع خال من المخدرات والوصول إلى شباب واع ومسؤول .
شكراً لحضوركم والسلام عليكم .
الرئيس السنيورة
ثم تحدث الرئيس فؤاد السنيورة فقال :
مرّت سنتان على افتتاح مركز المجلس الاهلي لمكافحة الإدمان، وها نحن اليوم نضيء شمعةً جديدةً لسنةٍ جديدةٍ نأمل أن تتجدد وتتعزز فيها جهودُ هذا المجلس الذي برهن أنه على قدْرٍ عالٍ من المسؤولية. وهو قد حمل مسؤولية هذه القضية الأخلاقية والصحية في هذه المنطقة بكل جدية وجعل من التصدي لها ومعالجتها جزءًا من برنامج عمله. ذلك ما سمح لنااليوم أن نجتمع لنسلط الضوء على هذا الإنجازالذي حققه المركز في السنتين الماضيتين ولنجدد العزم على المتابعة في الآتي من الأيام.
الإدمانُ على المخدرات آفة اجتماعية وصحية تنتشر في صفوف الشباب وغيرهم وفي مختلف الأوساط والعديد من المجتمعات الإنسانية على اختلاف أنظمتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ويزداد انتشارها أيضاً مع توسع انتشار وسائل التواصل لتطال جميع فئات المجتمع، وبين مختلف الفئات العمرية مع نسبةٍ مرتفعةٍ بين الفئات الشابة. إنّ المؤسف أيضاً هو زيادة نسبة المتعاطين أو المروجين بين فئات النساء اليافعين.
هذه السموم المخدرة التي تنتشر في مجتمعنا، تنقضُّ على شبابنا الذين هم عماد المستقبل. فهم يتعاطون المخدرات غير آبهين بمخاطرها، ومع مرور الوقت يصبحون أسرى لهذه المواد السامة، بحيث يستعصي عليهم بعد ذلك التخلي عنها بسهولة.هذه المشكلة قد أصبحت من أهم المشكلات الوطنية التي تبدد الأنفس والأموال، وهي ظاهرة انحرافية اذ تخرج عن القواعد السلوكية والمعايير الأخلاقية أو الدينية أو القانونية.
إنّ ظاهرة الإدْمان هي من المشكلات الملحة، ويتطلب التصدي لها رغبةً وإرادةً كبيرتين من طرف المدمن نفسه ومن طرف المجتمعوحيث تحتاج أيضاً إلى مشاركة الجمعيات الأهلية وجميع الجهات الرسمية والشعبية لمكافحتها.
أيها الإخوة والأخوات،
كما سبق لنا في مدينتنا صيدا أن استولدنا من رحم مشكلة مكب النفايات فرصةً استثنائيةً متمثلةً بحديقة ستصبح مع نهاية هذا العام من أهم وأجمل الحدائق في كل لبنان وحيث سنستحدث ايضاً ولمصلحة مدينة صيدا مساحة اضافية تضاف إلى مساحة المدينة والتي يعود الفضل في كل ذلك للمغفور له بإذن الله تعالى جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز، فإننا قد استولدنا كذلك أيضاً من رحم مشكلة الادمان المتفاقمة عزماً أكيداً للتصدي لهذه الآفةواضفنا إلى مدينة صيدا مؤسسة جديدة لمعالجة ظاهرة خطيرة مستفحلة في لبنان وهي المجلس الأهلي لمكافحة الادمان.
صحيح أنه كانت هناك عدة جمعيات من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية في المدينة تسعى منفردة للتصدي لهذه المعضلة، إلا أن هذه الجهود المتناثرة لم تكن على المستوى الذي يقتضيه تعاظم وتفاقم هذه الحالة. لذلك سعينا منذ أكثر من ثلاث سنوات لكي تتعاون هذه الجمعيات سوية لتأسيس المجلس الأهلي لمكافحة الادمان بما يمكنهم مجتمعين ومتعاونين من العمل على مواجهة المشكلة المستعصية توصلاً لإنشاء وتشغيل مركز دائم ومتخصص للتصدي ولعلاج مشكلة الادمان في المدينة وما حولها. وعلى ذلك فقد تأسس هذا المجلس من مختلف ممثلي مؤسسات المجتمع المدني في مدينة صيدا وجوارها ومن كافة المذاهب والأطياف السياسية والاجتماعية في المدينة بحيث تجتمع جميعها في كيان واحد للإسهام في التصدي لهذه الآفة الاجتماعية والخطيرة ومحاصرتها. وبناء على ذلك فقد أصبح مجلس إدارة هذه الجمعية مؤلفاً من أعضاء ممثلين لجمعياتهم استناداً إلى ما راكموه من خبرات على مدى سنوات عدة في هذا المجال. ولقد تضافرت مع ذلك جهود متفانية من أجل استنهاض الهمم والحصول على الدعم المادي المحلي والعربي. وعلى ذلك فقد جرى التقدم بالتوازي وعلى عدة مسارات في آن معاً بالتعاون مع عدد من الأشخاص والفعاليات والجهات الواهبة في لبنان والبلاد العربية من أجل الاسهام في تحقيق هذا المشروع الهام وكذلك من أجل التقدم على مسار إنشاء المركز الدائم لهذا المشروع وذلك انطلاقاً من المبنى المؤقت الذي تمّ تأهيله والذي تقدم به رجل كريم من مدينة صيدا وهو الحاج الفاضل أحمد نجيب نحولي مشكوراً.
لقد أسهمت في توفير الدعم المالي لهذا المشروع كوكبةٌ من الإخوة والمؤسسات اللبنانية والعربية الذين لمسوا مستوى الجدية ودرجة الالتزام بهذا المشروع الأخلاقي والصحي وآمنوا به ودعموا قيامه ومنهم وعلى وجه الخصوص الإخوة في الصندوق العربي للإنماءالاقتصادي والاجتماعي بالكويت وفي مقدمهم معالي الأخ عبد اللطيف الحمد والأمير طلال بن عبد العزيز وغيرهم كثير .. ذلك مما مكّن المجلس الأهلي من البدء بتأمين الخدمات التي تتضمن إقامة حملات التوعية والتثقيف، وورش العمل والتدريب للمرشدين الاجتماعيين لمتابعة أوضاع المدمنين ومحاولة تأمين المعالجة للبعض منهم تمهيداً لإنشاء المبنى الدائم والمستقل للمركز المتخصص الذي يستطيع أن يقدم البرامج العلاجية والتوعوية عالية الجودة.
لقد شهدتم كما سمعتمم اليوم ان هذه الاعداد وللاسف تزيد اسبوعيا فقد كانت مع نهاية والعام الماضي 100 حالة واليوم أصبحت 112 حالة. من جهة، هذا خبر مؤسف، ولكنه من جهة أخرى يعبر عن نجاح استراتيجية هذا المركز الذي بات مرجعاً للمرضى المدمنين في المنطقة وهو مما يعكس ايضا زيادة الوعي لدى افراد المجتمع وانحسار الحرج الاجتماعي وبالتالي ازدياد ثقة المجتمع في خدمات المركز وبجهود العاملين فيه.
لقد اصبح هذا المركز اليوم يستقبل هذه الحالات من مختلف الفئات العمرية وكما سمعتم اصبح بعضهم في مرحلة التعافي ضمن برنامج اعادة التأهيل وباشراف المعالجين النفسيين عبر جلسات علاج فردية وجماعية، وذلك من اجل تجديد ثقتهم بانفسهم وتمكينهم من العودة لمزاولة حياتهم الطبيعية وتعزيز اعادة اندماجهم بالمجتمع.
والحقيقة ايضا انه يتم تنظيم لقاءات دورية مع أهالي المدمنين لتعريفهم بشكل مستمر على حالة أبنائهم وكيفية متابعتهم وأهمية دورهم في نجاح العلاج او في تجنب الاصابة من حيث المبدأ وتصويب مسيرة أبنائهم. ويشمل ذلك الاستماع إلى آراء عائلاتهم وتحفيزهم لإطلاق مبادرات في مجال مكافحة المخدرات ضمن برنامج العمل معهم.
من جهة أخرى، وكما سمعتم من الاخ محمد نحن قاب قوسين او ادنى من اجل التوصل لعملية شراء الارض المناسبة لهذا المشروع المتميز، والمجلس يعمل حالياً على انجاز المعاملات الرسمية مع أصحابها لتسجيلها والبدء بعملية البناء وذلك مع استكمال جمع المبالغ اللازمة لذلك.
ليس الامر سهلا ولكن لا شيء يستعصي على الارادة والتصميم والمثابرة والتحسس الحقيقي بالمشاكل التي تنهش في مجتمعنا ونحن عينة من هذا المجتمع في صيدا ليست هذه هي المشكلة مقتصرة فقط على مدينة صيدا وجوارها بل هي تنهش في المجتمع اللبناني كما تنهش ايضا في المجتمعات اخرى خارج لبنان ، لكن علينا نحن ان نتنبه نحن في هذه المدينة وفي جوارها على ماذا يجب ان نركز جهدنا في هذا الشأن كما انه يجري العمل على تأليف مجلس الأمناء لهذه الهيئة بما يسهم في تعزيز دور المجلس الاهلي وتمكينه واقداره على ان يحصل على الدعم اللازم من شتى الفئات في مدينة صيدا وجوارها وخارج المدينة وهنا اود ان اشدد على مسؤوليتنا جميعا هذه المسؤولية لا تقتصر فقط على اعضاء المجلس الاهلي او على نائبي المدينة او على رئيس واعضاء المجلس البلدي كلنا معنيون كلنا مستهدفون كلنا مطلوب منا ان نسهم حقيقة في التصدي لهذه المشكلة ..
أيها الإخوة والأخوات،
ان النجاح الذي شهده المجلس خلال السنتين الماضيتين ليس إلا دليلاً على أن هذا المشروع سيصبح بإذن الله وبهمة عناصره نموذجاً من حيث مكوناته وتفانيهم في العمل والانجاز. انه وعلى الرغم من التنوع في خلفية أعضاء مجلس ادارة هذا المجلس، إلا أن الاتفاق في ما بينهم على التصدي لهذه الظاهرة الخطرة جمعهم ومكنهم من العمل بذهنية الفريق الواحد ومكنهم من انجاز الكثير في وقت قصير. وهو إنجاز بحد ذاته بالنسبة لمدينة صيدا بما يعطينا النموذج الصالح أنه بإمكاننا أن نعمل ونتعاون سوية في شؤون حياتية بالرغم من تباين وجهات نظرنا وقناعاتنا السياسية في مسائل عديدة أخرى.
فحقاً كما يقال “الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”. فثمة تحديات وعقبات تواجه المرضى المدمنين ومن أهمها: الوصمة (المجتمعية) التي تلاحقهم، والخوف من الملاحقة القانونية، وعدم الدراية بتوفر العلاج، أو عدم التمكن من الوصول إليه، إلى جانب عدم قناعة البعض من نجاعة العلاج ونجاحه. ومن هنا تأتي ثقة المريض بهذا المركز الذي يعمل على حماية مرضاه ويحافظ على سرية معلوماته، ويوفر لهم الأمن والأمان والصحة المتجددة.
كلمة أخيرة وهي ان ما نجحنا في تحقيقه حتى اليوم انا وزميلتي السيدة بهية ومعنا رئيس البلدية الاستاذ محمد السعودي والمجلس البلدي لمدينة صيدا وايضا اعضاء هذا المجلس لهو دليل على أهمية تضافر الجهود المحلية وقدرتها على اجتذاب الاهتمام والثقة والدعم، حيث إنه لم يكن ممكناً تحقيق ذلك بدون الثقة العالية التي حصلنا عليها. لكن التقدم على مسار الإنجاز المستقبلي في هذا المشروع وغيره لا يمكن أن يتم إلا بمساعدتكم أنتم بداية اهل المدينة. وأنا على ثقة بأنكم ستقدمون هذه المساعدة وتجودون بالدعم مهما كان محدوداً إلاّ أنه سيكون الجاذب الحقيقي والمحفز الأساسي لاستمرار وتحسن الدعم اللبناني والعربي لهذا المشروع الاخلاقي والصحي الهام.
اود في نهاية حديثي ان اتقدم بالشكر لاعضاء المجلس الاهلي لمكافحة الادمان ولجميع العاملين، رئيسة واعضاء، وايضاً للمجلس البلدي ورئيسه واعضائه واعضاء جميع الجمعيات الاهلية المشاركة في هذا الجهد ولكل الوزارات والمسؤولين ولجميع الاجهزة الامنية المساعدة على ذلك والشكر موصول ايضا للذين اسهموا في تمويل هذا العمل الجبار الذي قمنا به والذي كان علينا ان ننحت هذه الثقة في هذا المجلس نحتا حتى نصل الى ما وصلنا اليه. نشكر كل المسؤولين في هذه المدينة ورجال الدين والمسؤولين والمحافظ وكل من يستطيع ان يقدم دعما لهذه القضية التي يعاني منها الجميع من اي جهة او فئة او مجموعة فالكل معرض لهذه الازمة ..
أشكركم متمنياً لكم كل الخير.
عاشت صيدا وعاش لبنان