تحاكي أفكار مجموعة من الناشطين من “شباب وصبايا صيدا”، معاناة الناس في زمن “كورونا” والحجر المنزلي، ولكن بطريقة مختلفة، تتكامل مع المبادرات الخيرية والاغاثية “الجماعية” و”الفردية” الأخرى، فبين الغلاء وارتفاع الاسعار والشكوى من الضائقة الاقتصادية، وطول أمد “التعبئة العامة” و”حال الطوارئ الصحية”، ضاق الناس ذرعاً وذاقوا ويل الفقر والجوع، فأطلقت مبادرة “نحنا لبعض” فكرة “الفرن المجاني” لتأمين المناقيش اليومية للعائلات المتعففة في المدينة ومنطقتها.
وترتكز الفكرة، على الاتفاق مع عدد من اصحاب الافران في الاحياء الشعبية، للعمل مساء بالمجان، على ان تقوم “المبادرة” التي تضم مجموعة من شباب وصبايا صيدا، بتأمين كل احتياجاته من غاز، وطحين و”خميرة” وسكر وزيت وزعتر، لاعداد المناقيش وتوزيعها على ابناء المنطقة القريبة، على ان يدفع تكاليفها من التبرعات التي يتم جمعها عند “تقاطع ايليا” في صيدا، حيث “ساحة الثورة” و”المنبر المفتوح” على الوجع الاقتصادي ما قبل “كورونا”.
ويقول الناشط في المبادرة علي إبريق لـ “نداء الوطن”: “بدأنا تطبيق الفكرة في منطقة “الفيلات” واتفقنا مع صاحب “فرن الارز” رضوان البابا، على إعداد المناقيش اليومية المجانية، تساعده مجموعة من الشباب المتطوعين لجهة الاعداد والتوزيع، ونجحنا فيها، خبز في اليوم الاول اكثر من 1200 منقوشة، لاقت العملية ترحيبا، على اعتبار ان المنقوشة وجبة غذائية، بينما اذا قدمت الخبز يبقى الحاجة الى الطعام نفسه مهما كان، وتدحرجت الفكرة الى “التعمير” واتفقنا مع صاحب “فرن ابو عريشة” وليد أبو عريشة، ثم الى “نزلة صيدون” واتفقنا مع صاحبة الفرن “أم عرب”، والامور تسير باتجاه ايجابي”.
لم يخف الابريق، ان الغلاء يطال كل شيء، يقول: “نحن نقدم المنقوشة بالزيت والزعتر، والذي يريدها بالجبنة او بغيرها من “الكشك والبندورة والبصل”، فهو يشتريها، نحن نقدم العجينة مجانا، وكل ذلك بفضل التبرعات المالية التي تجمع عند تقاطع “ايليا”، لولاها لما استطعنا تنفيذ مشروعنا الخيري هذا، يكلف كل فرن يومياً ما بين 100 الف و250 الف ليرة”.
ويؤكد الناشط علاء عنتر لـ “نداء الوطن”، ان “الحاجة تدفعنا الى اعتماد طرق مختلفة لمساعدة الناس، فالمنقوشة المجانية جاءت بعد مبادرات ربطة الخبز، وتوزيع الحصص الغذائية نحو 600 حصة، والمعقمات ومواد التنظيف، وساعدنا بعض الفقراء في تأمين ادوية وحفاضات وحليب، اليوم نركز على لقمة الطعام، باتت الاهم بالنسبة للناس وخاصة في الاحياء الشعبية، أصحاب الافران يعملون نهاراً كالمعتاد لتأمين قوت يومهم، ومساء تتحول الافران الى مجانية بمساعدة الناشطين من “شباب وصبايا صيدا”، منوهاً بدور الناشط احمد عباس في هذا الاطار ايضا”.
أسعار نار
مقابل المبادرة، تواصلت شكاوى الناس من الغلاء وارتفاع الاسعار بشكل جنوني، حيث لم يعد بمقدور الكثير من الناس شراء ما يحتاجون من اساسيات للمأكل والمشرب في ظل التضارب بالاسعار والاحتكار، وتصدّر الغلاء “البطاطا والبيض”، وهما طعام الفقراء، بعدما لامست كرتونة البيض الـ 15 الف ليرة لبنانية، فيما وصل سعر كيس البطاطا الى 14 الفاً، فارتفعت دعوات من ناشطين الى وقف شرائهما، مذكرين بقصة “البيض” الشهيرة التي وقعت في الارجنتين، ودفعت باصحاب مزارع الدواجن الى التراجع بعد شهر وبيعه بأقل من سعره بعد مقاطعة المواطنين له.
ودعا الناشط هيثم النقوزي، في حسابه الخاص على “فايسبوك” الى مقاطعة السلع المحتكرة، قائلا: “صلاحية البيض في المستودعات شهر كحد اقصى، يعني اذا منقاطع شهر ببوسوا إجرينا لنأخذ كرتونة البيض بألف ليرة، رجاء خلونا نكمل شهر نيسان بلا بيض وخاصة بشهر رمضان ما الو عازة اصلاً، قاطع السلع المحتكرة ـ اطلقوا هذه الحملة وحتشوفوا النتيجة”. بينما قارنت الناشطة أمينة بتكجي الفرق بين ربط البطون من الجوع والتخمة، قائلة “يربط الفقير بطنه من الجوع، ويربط المترفون بطونهم من شدة الشبع، والاسراف والاحتكار.. حسبي الله، أخي التاجر رفع أسعار الطعام في ايام الجوع، اكبر عند الله من بيع السلاح ايام الفتن”.
تزامنا، يستعد حراك صيدا، لاستئناف تحركاته الاحتجاجية، ودعا ناشطو “صيدا تنتفض” تحت شعار “مستمرون”، إلى مسيرة سيارة يومي الثلثاء والاربعاء، رفضاً للأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وسرقة المواطنين، على ان يتم التجمع، في “ساحة الثورة”، عند “ايليا”، الثلثاء للسيارات أصحاب الرقم المجوز والأربعاء لأصحاب الرقم المفرد، وأن لا يكون داخل السيارة اكثر من شخصين والالتزام بتدابير الوقاية من “كمامات” و”كفوف” في اطار الاجراءات الوقائية لمنع تفشي “كورونا.
ورغم سعي البلدية لمساعدة الناس بالتعاون مع فاعليات المدينة والمؤسسات الاهلية والمخاتير والمبادرات، وقد رفع رئيسها محمد السعودي الاغاثة الى 3 مليارات ليرة، توزع عبر 30 الف قسيمة شرائية، كل واحدة منها بقيمة 100 الف ليرة، الا ان حاجة الناس كبيرة وهي تردد بصوت عال “لا نريد ان نصل الى وقت نقول فيه “الكورونا ولا الغلاء”.
المصدر: محمد دهشةـ نداء الوطن