سينتيا عواد – الجمهورية:
عندما يتعلّق الأمر بصحّة الإنسان وسلامته، فإنّ نوعية غذائه ومعدّل نشاطه البدني وعلاقته بالتدخين ليست وحدها الأمور التي يجب تسليط الضوء عليها، في ظلّ وجود عادات أخرى لا تقلّ خطورةً عن نظيراتها المذكورة، لعلّ أبرزها الإدمان على المخدّرات الذي يوسّع انتشارَه من عام إلى آخر، موقِعاً في شباكه عدداً كبيراً من أشخاصٍ في ربيع عمرهم وعِزّ عطائهم.
24 ألف مُدمن على المخدّرات هو الرقم الوطني المسجّل في وزارة الصحة العامة اللبنانية، والأخطر أنّ 3,5 في المئة منهم يُدمنون عليها في المدارس. إنّه بالفعل لَعدد مقلِق جداً يَستدعي تكثيفَ الجهود والحملات لوضع حدّ لرقعة انتشاره، كان آخرها ملصقات «#Ou3a» التي اجتاحت مختلف المناطق ووُضِعت أينما كان، في المراكز التجارية والجامعات وعلى إشارات السير والسرعة القصوى وبالقرب من المطاعم والملاهي، ممّا أثار حشرية الناس الذين اعتقدوا أنّ هذه الحملة لها علاقة بالسرعة أو الحراك المدني.
وقال رئيس مجلس إدارة ومدير عام مستشفى ضهر الباشق الحكومي الجامعي، الدكتور روجيه حاموش لـ»الجمهورية»، إنّه «يوجَد سببان رئيسيان وراء هذه الحملة، الأوّل توعية الشباب، خصوصاً المراهقين إزاء مخاطر الإدمان، وثانياً تعريف المواطنين إلى مركز معالجة الإدمان على المخدّرات في مستشفى ضهر الباشق الحكومي المدعوم من وزارة الصحة».
ولفتَ إلى أنّه «يمكن قراءة «#ou3a» بطريقتين، «أوعى» لتحذير الشباب الذين لم يتعاطوا يوماً المخدّرات بعدم استعمالها بدافع التجربة أو الحشريّة. كذلك يمكن قراءتها «وعا» لتوعية الشباب الذين يتعاطون المخدّرات إزاء وضعِهم، وأنّهم إذا أرادوا التخلّص منه يوجد حلّ متمثّل بمركز الوليد بن طلال لمعالجة الإدمان على المخدّرات في مستشفى ضهر الباشق الذي يقدّم العلاج الطبّي للإدمان (Detoxification)»، مشيراً إلى «تقَصّد استخدام رمز الهاشتاغ «#» لمُحاكاة لغة شباب اليوم».
وشرح د. حاموش أنّ «فكرة المركز نشأت عام 2010، لكنّ مستشفى ضهر الباشق الحكومي لم يكن يملك حينها المبلغ الكافي لتأهيل البُنى التحتية للمركز، لذلك توجَّهنا بكتاب للوزيرة ليلى الصلح حمادة نطلب فيه مساعدة مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية، فوافقَت على تأهيل البُنى التحتية وبدأت الأعمال منذ ذلك الوقت حتى أواخر عام 2012.
والحدث المهمّ الذي لولاه لَما عمل المركز وتميّزَ عن غيره، هو أنّ وزارة الصحة تَبنَّته كمركز لمعالجة الإدمان، وحدّدت له سقفاً ماليّاً مستقلّاً عن نظيره المخصّص لمستشفى ضهر الباشق بدأ بـ 700 مليون ليرة لبنانية في السنة، وقد زادَه الوزير وائل أبو فاعور إلى 900 مليون ليرة لبنانية، كي لا يتمّ رفض أيّ مريض يريد الخضوع للعلاج».
وتابعَ حديثه أنّ «هذا المركز الذي يتضمّن 15 سريراً يُتيح للمُدمن تنظيفَ جسمه من رواسب المخدرات لفترةٍ تمتدّ من 7 إلى 10 أيام، يقوم خلالها باستشارة اختصاصيين في علم النفس لتقييم وضعِه ووصفِ الأدوية كي يصبح مؤهّلاً لدخول مراكز التأهيل.
كذلك يوجد مرشدون اجتماعيون يعملون مع المدمنين وخصوصاً عائلاتهم وأصحابهم لأنّه لاحَظنا وجودَ تفكّك عائلي في غالبية الحالات وضغطٍ يشكّله الأصدقاء على الشخص لتجربة المخدّرات أثناء السهر. والأمر الإيجابي أنّ وزارة الصحة العامة تغطّي 85 في المئة من فاتورة العلاج، ليتكلّف المريض فقط 15 في المئة.
يعني ذلك بلغةِ الأرقام أنّ العلاج الطبّي للإدمان على المخدّرات في مركز آخَر مُشابه يكلّف المُدمنَ نحو 4 آلاف دولار أميركي، بينما في مركز معالجة الإدمان على المخدرات في مستشفى ضهر الباشق الحكومي يتكلّف فقط 450 ألف ليرة لبنانية».
وأضاف أنّ «بعد تنظيف جسم المُدمن من رواسب المخدرات، ويكون مستعدّاً لدخول مرحلة التأهيل التي تُعتبَر الأصعب والأطول، نحَوّله إلى واحد من مراكز إعادة التأهيل الخمسة التي نتعامل معها: أمّ النور، وعلية النور، وشباب ضدّ المخدرات، وسعادة السماء مع الأب مجدي علاوي، وجاد».
وكشفَ أنّ «مجمل الوافدين إلى المركز يأتون من بيروت وضواحيها، أمّا الباقون فمن صيدا، وطرابلس، والجنوب، وجبل لبنان، وزحلة، والبقاع الغربي.
وأمّا الحالات التي دخلت المستشفى منذ تأسيسه فقد بلغت 1114 مدمناً، منها 93 في المئة ذكور، و7 في المئة إناث، عِلماً أنّ 85 في المئة من المدمنين تتراوَح أعمارهم بين 18 و32 عاماً، و1 في المئة تحت 17 عاماً، ونحو 15 في المئة فوق 40 عاماً.
ومن بين هؤلاء الـ 1114 مدمناً، 74 في المئة تمَّ تحويلهم إلى مراكز التأهيل و24 في المئة ترَكوا المركز قبل إنهاء العلاج لعدمِ قدرتهم على التوقّف عن تعاطي المخدّرات على رغم النصائح التي قدّمها الأطبّاء ومحاولتِنا إقناعَهم بالبقاء».
وختاماً، قال د. حاموش للمدمنين على المخدرات إنّهم «يملكون اليوم الحلّ في مركز الوليد بن طلال لمعالجة الإدمان على المخدّرات في مستشفى ضهر الباشق الذي تدعمه وزراة الصحة. إذا قرّروا التخلّص من هذه الآفة ومعاودة الانخراط في المجتمع المدني، فليَعلموا أنّ وزارة الصحة تُتيح لهم هذه الفرصة كي لا يكون الشقّ المادي عائقاً أمام تخلّصهم من هذه العادة المحفوفة بالمخاطر.
أمّا للأشخاص الذين لم يتعاطوا المخدّرات يوماً، أوصيهم بعدم تجربتها حتى ولو بدافِع الحشرية لاكتشافها، خصوصاً المراهقين الذين يملكون روحَ المغامرة والتجربة، وأن يَعلموا أنّهم بذلك سيَدخلون نفقاً طويلاً مظلماً».
وكلّ من يرغب تحديدَ موعدٍ لبَدء رحلة العلاج، يمكنه الاتّصال على الخطّ الساخن 04/872144 مقسّم 5004 من الساعة 8 صباحاً لغاية الثانية والنصف بعد الظهر، وبعد ذلك على الرقم 03/583403.