دق جرس المدرسة في منتصف أيلول الماضي معلنا بدء سنة جديدة للتلاميذ من اللاجئين الفلسطينيين في مدارس «الأونروا» في لبنان. هذا العام أيضاً، ستمتزج علاماتهم بالرطوبة وبرائحة العفن، ووربما يشعرون بتعب من دون أمل بأنه سيثمر في يوم ما مستقبلا زاهرا. ففي هؤلاء الطلاب لا يصحّ المثل القائل «من طلب العلى سهر الليالي»، لأن من بينهم من يفرض عليه نظام الدوامين في بعض المدارس أن يسهر. لكن، لا بيوتهم المحشورة بين الأزقة، ولا الحقوق التي لم تتكرّم بها عليهم الدولة اللبنانية، ولا أحوال عائلاتهم، تكفل لهم العلى. وربّما يكون في ما يقوله أهالي الطلاب في مخيّمات مار الياس وبرج البراجنة وشاتيلا صورة عما يعانيه أهالي طلاب المخيمات الأخرى في لبنان. وربما لا تختزلهم في يومياتهم، لكنّ القلق واحد والهمّ واحد، ينقران رؤوسهم باستمرار «ماذا بعد الدراسة؟» و«أي نوع من العلم يتلقى أولادنا؟» وبين هذا وذاك خوف قاتل من استسلام قد يقود أولادهم إلى التسرّب من المدرسة. هؤلاء أهل نفد منهم الحلم لكنهم ما زالوا يتشبثون بالأمل، لا سيما أن أفضل تقديمات «الأونروا»، بالنسبة إليهم، هي القطاع التربوي.
بدأت «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) منذ سنتين تنفيذ خطة إصلاحية لقطاعها التربوي، وعدت بإتمامها هذه السنة، لكنها لم تنجح في ذلك فأرجأت بعضا منها إلى السنة المقبلة، ولو أن الجزء الكبير منها قد أنجز.
وما تمّ إنجازه حتى الساعة شمل مدارس «الأونروا» الأربع والسبعين المنتشرة من شمالي لبنان إلى جنوبه، بحسب نائب مدير الشؤون التربوية في الوكالة روجيه دايفس. غير أن بعضها (18 من 74) ما زال يعمل بنظام الدوامين التي كانت «الأنروا» قد وعدت بالتخلّص منه مع حلول العام الدراسي الحالي. كما أن بعض الطلاب ما زال يرتاد مدارس ذات أوضاع مزرية، تحاول الوكالة إعادة تأهيل بعضها و«العمل بجهد لتحسين ظروفها»، بحسب دايفس. وقد اضطرت الوكالة إلى إخلاء مدرستين في مخيم الرشيدية، «لأنها غير آمنة من حيث البنية»، ليحوّل طلابها إلى المدارس المجاورة، علماً بأن تصاميم بناء ثلاث مدارس في صيدا أصبحت جاهزة.
أتت إصلاحات الوكالة بفضل هبة من «الاتحاد الأوروبي» قيمتها 15 مليون يورو، يقول دايفس انها «سمحت بإجراء إصلاحات على بعض المدارس وبناء مبان جديدة وتأمين مرافق للطلاب المعوّقين وتدريب الكادر التعليمي وتقويم المنهاج»، واعداً بالتخلّص من نظام الدفعتين «عند الانتهاء من بناء المدرسة الجديدة في صيدا ومدارس نهر البارد».
لكن قلق الأهالي يكمن في مكان آخر، فهم إن أرادوا لأولادهم مباني حديثة و«صحيّة»، الا أنهم أكثر اهتماماً بظروفهم التربوية. ويقول محمود أبو زاكي، وهو أب لصبيين وبنت ما زالوا في مراحلهم الأساسية في مدرسة البرج، ان «حشر أربعين طالباً في الصف لن يساعد الأولاد على فهم الدروس مهما كان مستواها ومهما كانت وسائل الشرح والإيضاح متطورة». يضيف «صحيح أننا اعترضنا في السابق على الأوضاع المزرية للمدارس، لكن تحسين المبنى لا يكفي».
كذلك، يعاني أهالي طلاب مخيم مار الياس من نظام الدوامين الذي تحوّل إليه أولادهم بعد إقفال مدرسة المخيم لأعمال تأهيلية. وتشير صباح حمد إلى شكوى الأهالي من الموضوع لصعوبته على التلامذة الصغار «الذين يتدنى مستوى استيعابهم في فترة بعد الظهر، وهو أمر مبرهن علمياً». كما أن الحل الموقت الجديد يثير إرباكاً لدى الامهات، لا سيما العاملات منهن «اللواتي يضطررن إلى اصطحاب أولادهن إلى أماكن عملهن. فيما تخلت أخريات عن العمل لعدم توفر حلول أخرى أمامها».
في شاتيلا، تشرح أم حامد أن «هناك العديد من الأهالي الذين لا يبذلون جهوداً مع أولادهم. بعضهم بسبب الجهل وبعضهم الآخر بسبب اليأس من الأفق المسدود أمام فلذات أكبادهم، فلا يصرّون عليهم للدرس ولا يتابعون أداءهم مع مدرسيهم. ونحن نشعر بتلكؤ بعض المدرّسين في المثابرة على التعليم ومتابعة الطلاب كما يجب، كأنهم يؤدون مهنة إدارية بحتة. حتى أن منّا من يلجأ إلى مدرّسين خصوصيين. وهو أمر يتطلب قدرة مادية، غالباً ما تفوق قدرة أهالي المخيمات». ولأم حامد ولدان يرتادان مدرسة حيفا التي تديرها السيدة بشيرة إدغام التي يشهد الأهالي بكفاءتها.
في السياق نفسه، يشرح وائل رمضان أن لبعض المدارس مدراء أكفاء «وجودهم يحسّن من مستوى المدرسة، لكن المشكلة تكمن في المدرّسين الذين أغرتهم فكرة الدروس الخصوصية فلا يبذلون الجهود المطلوبة داخل الصفوف كي يبرهنوا عن الحاجة الملحة للدروس الخصوصية». وهو يلفت الى أنه يتشبث بتعليم أولاده الخمسة وحثّهم على الاجتهاد وعدم الاستسلام لظروفهم كلاجئين، مستسلماً لمستوى مدارس الوكالة، «لكون تعليمهم في مدارس خاصة أمرا غير مقدور عليه».
تسرب وأنشطة وخلافها…
يشير عدد من اهالي المخيمات الثلاثة (مار الياس، شاتيلا والبرج) إلى نسبة التسرّب العالية التي تطال اولادهم. ويوضح رمضان أن «لا رقم واضحا لدينا لكنها باتت حالة عامة تبدأ عادة في سن الحادية عشرة، كسن متوسطة، وهي تطال الصبيان أكثر من البنات، لا سيــّما حين تتطلب أحوال عائلاتهم المعيــشية أن يعملوا».
ويتحدث دايفس عن نسبة تسرّب تتراوح بين 1،5 في المئة و2 في المئة، لكن، في المقابل «لاحظنا ارتفاعاً في عدد التلامذة الآتين من مدارس خاصة»، يقول.
ربما هي صورة تحتمل الوجهين، وهي إن دلّت بالنسبة إليه إلى تحسّن مستوى مدارس الوكالة، يفصح الأهالي ـ وفاطمة حمادة إحداهم ـ عن أنهم اضطروا إلى نقل أولادهم من المدارس الخاصة إلى مدارس «الأونروا» بسبب ارتفاع الأقساط. هكذا بدأت ابنة فاطمة ترتاد مدرسة حيفا وقد أتتها من «المقاصد».
إلى المطالب الأساسية، يعتبر الأهالي أنه من الضروري تنظيم نشاطات لاصفــية لأولادهم، لا سيما ان البدائل غير متاحة لا في المخيم ولا في المنازل. هم يصرّون على الرياضة «التــي تهذب الروح» كما يقول رمضان، والموسيقى والرسم «للتعبير عن معاناتهم».
في هذا المجال يعد دايفس بتنظيم مشروع «Palestiniadi» الذي يقوم على أنشطة رياضية لمدة ثلاثة أيام في معهد سبلين المهني التابع لها، بينما تحاول الوكالة أيضاً، توسيع الأنشطة للأطفال عبر توقيع اتفاقات مع شركاء من المنظمات غير الحكومية، محورها الموسيقى والمسرح.
وقد أشار إلى أن «الطلاب الضعفاء في الصفين الثالث والرابع استفادوا من دروس تقوية، بالشراكة مع «اليونيسف»، كما طلاب الصف التاسع». كما استهلّت الوكالة برنامج تعلّم صيفي للمرة الأولى «طال حوالى سبعة آلاف تلميذ رسبوا في امتحاناتهم». ونظّمت أنشطة متطورة من خارج المنهاج، بما في ذلك الأنشطة الترفيهية، شارك فيها ستة آلاف تلميذ.
بالإضافة إلى ذلك، دخل تلامذة الصف الأول إلى صفوفهم هذا العام وكل منهم يتأبط كتاباً جديداً في اللغة العربية، «على أن يتم تحديث كتابي العربية للصفين الثاني والثالث وكتاب اللغة الإنكليزية للصف الأول في السنة المقبلة»، بحسب دايفس.
وقد تمكّنت الوكالة من تأمين قرطاسية «تكفي لكامل العام الدراسي»، وشملت طلاب الوكالة الثلاثة والثلاثين ألفاً من دون أي استثناء، فيما قدّمت منحاً جامعية لتسعة وثمانين طالباً.
حاجات خاصة
ويؤكد دايفس أن «الأونروا» وفت بوعدها وبدأت باعتماد مناهج أو آليات تعليم تسهّل انتساب ذوي الحاجات الخاصة، لا سيما لغير المبصرين. وقد قام أساتذة دعم التعلّم بنقل مناهج الوكالة إلى تقنية البرايل (Braille). وهو يلفت إلى أن طالبين فاقدين للبصر اجتازا امتحانات الشهادة المتوسطة، مشيراً إلى أنه في كــل ســنة «تزداد قدرتنا على استيــعاب المزيد من الطلاب ذوي الحاجات الخاصة».
لا يعد دايفس بأي جديد في ما يتعلّق بطلاب البارد، لكنّ الخطة التي ترسمها الوكالة لهم تعد ببناء ست مدارس ستنــتهي منها ثلاث في أيلول 2011، على أن يبــدأ بناء الثلاث المتبقية عند تأميــن التمويل.
مع كل الجهود التي تبذلها الوكالة داخل وخارج الصفوف في الشأن التربوي، يتوقّع المدير العام لـ«مؤسسة بيت أطفال الصمود» قاسم عينا ازدياداً في نسبة التسرّب من المدارس «أولاً بسبب ظروف عيش الطلاب الفلسطينيون إن كانت لناحية المسكن أو لجهة دخل العائلة، أو بسبب عدم متابعة الأهل لأولادهم. ويضاف إلى كل ذلك الأفق المسدود أمام الطالب لناحية العمل بعد استكمال تعليمه».
ويطالب عينا بتعديل المنهاج لناحية كتابي التاريخ والجغرافيا، «اللذين يتبعان المنهاج اللبناني، ما يشعر الطالب بغربة لكونهما لا يتضمنان معلومات عن تاريخ وجغرافية فلسطين ولا عن قضيتها».
يرى عينا أن الوكالة تبذل جهداً في تطوير القطاع التربوي منذ تولي مديرها العام الحالي سلفاتوري لومباردو لمهامه، ولو أن نواقص القطاع ما زالت كثيرة وأبرزها «المختبرات والروضات التي لا تملك «الأونروا» منها الا أربعا في مقابل 74 مدرسة، ما يضطر الأهل إلى إرسال أولادهم إلى دور للحضانة تابعة للمؤسسات الفلسطينية لا تتبع منهاجاً موحداً، ولا تعمل وفق أسس تربوية موحدة»، مستثنياً الحديث عن الثانويات لكون لبنان هو الإقليم الوحيد الذي تقدّم فيه «الأونروا» تعليماً ثانوياً، إذ انها غير مسؤولة عنه في الأقاليم الأربعة الأخرى.
يبقى أن النقطة الأضعف في الخطة التربوية الخاصة في الوكالة هي البارد حيث ما زال الطلاب يرتادون مدارس من حديد، باردة في الشتاء وحارة في الصيف يضاف إليها واقع مرير عمره من عمر تدمير المخيم.
يذكر أن عدد طلاب «الأونروا» يفوق ثلاثة وثلاثين ألفاً، يقوم بتدريسهم حوالى ألف وخمسمئة أستاذ وهم يتوزعون على 74 مدرسة ومهنيتين، وترصد لهم الوكالة نسبة 53،5 في المئة من ميزانيتها المعدّة للبنان.
قال أبو القاسم الشابي ذات يوم «إذا الشعب أراد يوماً الحياة فلا بدّ من ان يستجيب القدر». من يجُل في المخيمات يصادف لاجئين يريدون الحياة، ولهم سيستجيب القدر.
بدأت «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) منذ سنتين تنفيذ خطة إصلاحية لقطاعها التربوي، وعدت بإتمامها هذه السنة، لكنها لم تنجح في ذلك فأرجأت بعضا منها إلى السنة المقبلة، ولو أن الجزء الكبير منها قد أنجز.
وما تمّ إنجازه حتى الساعة شمل مدارس «الأونروا» الأربع والسبعين المنتشرة من شمالي لبنان إلى جنوبه، بحسب نائب مدير الشؤون التربوية في الوكالة روجيه دايفس. غير أن بعضها (18 من 74) ما زال يعمل بنظام الدوامين التي كانت «الأنروا» قد وعدت بالتخلّص منه مع حلول العام الدراسي الحالي. كما أن بعض الطلاب ما زال يرتاد مدارس ذات أوضاع مزرية، تحاول الوكالة إعادة تأهيل بعضها و«العمل بجهد لتحسين ظروفها»، بحسب دايفس. وقد اضطرت الوكالة إلى إخلاء مدرستين في مخيم الرشيدية، «لأنها غير آمنة من حيث البنية»، ليحوّل طلابها إلى المدارس المجاورة، علماً بأن تصاميم بناء ثلاث مدارس في صيدا أصبحت جاهزة.
أتت إصلاحات الوكالة بفضل هبة من «الاتحاد الأوروبي» قيمتها 15 مليون يورو، يقول دايفس انها «سمحت بإجراء إصلاحات على بعض المدارس وبناء مبان جديدة وتأمين مرافق للطلاب المعوّقين وتدريب الكادر التعليمي وتقويم المنهاج»، واعداً بالتخلّص من نظام الدفعتين «عند الانتهاء من بناء المدرسة الجديدة في صيدا ومدارس نهر البارد».
لكن قلق الأهالي يكمن في مكان آخر، فهم إن أرادوا لأولادهم مباني حديثة و«صحيّة»، الا أنهم أكثر اهتماماً بظروفهم التربوية. ويقول محمود أبو زاكي، وهو أب لصبيين وبنت ما زالوا في مراحلهم الأساسية في مدرسة البرج، ان «حشر أربعين طالباً في الصف لن يساعد الأولاد على فهم الدروس مهما كان مستواها ومهما كانت وسائل الشرح والإيضاح متطورة». يضيف «صحيح أننا اعترضنا في السابق على الأوضاع المزرية للمدارس، لكن تحسين المبنى لا يكفي».
كذلك، يعاني أهالي طلاب مخيم مار الياس من نظام الدوامين الذي تحوّل إليه أولادهم بعد إقفال مدرسة المخيم لأعمال تأهيلية. وتشير صباح حمد إلى شكوى الأهالي من الموضوع لصعوبته على التلامذة الصغار «الذين يتدنى مستوى استيعابهم في فترة بعد الظهر، وهو أمر مبرهن علمياً». كما أن الحل الموقت الجديد يثير إرباكاً لدى الامهات، لا سيما العاملات منهن «اللواتي يضطررن إلى اصطحاب أولادهن إلى أماكن عملهن. فيما تخلت أخريات عن العمل لعدم توفر حلول أخرى أمامها».
في شاتيلا، تشرح أم حامد أن «هناك العديد من الأهالي الذين لا يبذلون جهوداً مع أولادهم. بعضهم بسبب الجهل وبعضهم الآخر بسبب اليأس من الأفق المسدود أمام فلذات أكبادهم، فلا يصرّون عليهم للدرس ولا يتابعون أداءهم مع مدرسيهم. ونحن نشعر بتلكؤ بعض المدرّسين في المثابرة على التعليم ومتابعة الطلاب كما يجب، كأنهم يؤدون مهنة إدارية بحتة. حتى أن منّا من يلجأ إلى مدرّسين خصوصيين. وهو أمر يتطلب قدرة مادية، غالباً ما تفوق قدرة أهالي المخيمات». ولأم حامد ولدان يرتادان مدرسة حيفا التي تديرها السيدة بشيرة إدغام التي يشهد الأهالي بكفاءتها.
في السياق نفسه، يشرح وائل رمضان أن لبعض المدارس مدراء أكفاء «وجودهم يحسّن من مستوى المدرسة، لكن المشكلة تكمن في المدرّسين الذين أغرتهم فكرة الدروس الخصوصية فلا يبذلون الجهود المطلوبة داخل الصفوف كي يبرهنوا عن الحاجة الملحة للدروس الخصوصية». وهو يلفت الى أنه يتشبث بتعليم أولاده الخمسة وحثّهم على الاجتهاد وعدم الاستسلام لظروفهم كلاجئين، مستسلماً لمستوى مدارس الوكالة، «لكون تعليمهم في مدارس خاصة أمرا غير مقدور عليه».
تسرب وأنشطة وخلافها…
يشير عدد من اهالي المخيمات الثلاثة (مار الياس، شاتيلا والبرج) إلى نسبة التسرّب العالية التي تطال اولادهم. ويوضح رمضان أن «لا رقم واضحا لدينا لكنها باتت حالة عامة تبدأ عادة في سن الحادية عشرة، كسن متوسطة، وهي تطال الصبيان أكثر من البنات، لا سيــّما حين تتطلب أحوال عائلاتهم المعيــشية أن يعملوا».
ويتحدث دايفس عن نسبة تسرّب تتراوح بين 1،5 في المئة و2 في المئة، لكن، في المقابل «لاحظنا ارتفاعاً في عدد التلامذة الآتين من مدارس خاصة»، يقول.
ربما هي صورة تحتمل الوجهين، وهي إن دلّت بالنسبة إليه إلى تحسّن مستوى مدارس الوكالة، يفصح الأهالي ـ وفاطمة حمادة إحداهم ـ عن أنهم اضطروا إلى نقل أولادهم من المدارس الخاصة إلى مدارس «الأونروا» بسبب ارتفاع الأقساط. هكذا بدأت ابنة فاطمة ترتاد مدرسة حيفا وقد أتتها من «المقاصد».
إلى المطالب الأساسية، يعتبر الأهالي أنه من الضروري تنظيم نشاطات لاصفــية لأولادهم، لا سيما ان البدائل غير متاحة لا في المخيم ولا في المنازل. هم يصرّون على الرياضة «التــي تهذب الروح» كما يقول رمضان، والموسيقى والرسم «للتعبير عن معاناتهم».
في هذا المجال يعد دايفس بتنظيم مشروع «Palestiniadi» الذي يقوم على أنشطة رياضية لمدة ثلاثة أيام في معهد سبلين المهني التابع لها، بينما تحاول الوكالة أيضاً، توسيع الأنشطة للأطفال عبر توقيع اتفاقات مع شركاء من المنظمات غير الحكومية، محورها الموسيقى والمسرح.
وقد أشار إلى أن «الطلاب الضعفاء في الصفين الثالث والرابع استفادوا من دروس تقوية، بالشراكة مع «اليونيسف»، كما طلاب الصف التاسع». كما استهلّت الوكالة برنامج تعلّم صيفي للمرة الأولى «طال حوالى سبعة آلاف تلميذ رسبوا في امتحاناتهم». ونظّمت أنشطة متطورة من خارج المنهاج، بما في ذلك الأنشطة الترفيهية، شارك فيها ستة آلاف تلميذ.
بالإضافة إلى ذلك، دخل تلامذة الصف الأول إلى صفوفهم هذا العام وكل منهم يتأبط كتاباً جديداً في اللغة العربية، «على أن يتم تحديث كتابي العربية للصفين الثاني والثالث وكتاب اللغة الإنكليزية للصف الأول في السنة المقبلة»، بحسب دايفس.
وقد تمكّنت الوكالة من تأمين قرطاسية «تكفي لكامل العام الدراسي»، وشملت طلاب الوكالة الثلاثة والثلاثين ألفاً من دون أي استثناء، فيما قدّمت منحاً جامعية لتسعة وثمانين طالباً.
حاجات خاصة
ويؤكد دايفس أن «الأونروا» وفت بوعدها وبدأت باعتماد مناهج أو آليات تعليم تسهّل انتساب ذوي الحاجات الخاصة، لا سيما لغير المبصرين. وقد قام أساتذة دعم التعلّم بنقل مناهج الوكالة إلى تقنية البرايل (Braille). وهو يلفت إلى أن طالبين فاقدين للبصر اجتازا امتحانات الشهادة المتوسطة، مشيراً إلى أنه في كــل ســنة «تزداد قدرتنا على استيــعاب المزيد من الطلاب ذوي الحاجات الخاصة».
لا يعد دايفس بأي جديد في ما يتعلّق بطلاب البارد، لكنّ الخطة التي ترسمها الوكالة لهم تعد ببناء ست مدارس ستنــتهي منها ثلاث في أيلول 2011، على أن يبــدأ بناء الثلاث المتبقية عند تأميــن التمويل.
مع كل الجهود التي تبذلها الوكالة داخل وخارج الصفوف في الشأن التربوي، يتوقّع المدير العام لـ«مؤسسة بيت أطفال الصمود» قاسم عينا ازدياداً في نسبة التسرّب من المدارس «أولاً بسبب ظروف عيش الطلاب الفلسطينيون إن كانت لناحية المسكن أو لجهة دخل العائلة، أو بسبب عدم متابعة الأهل لأولادهم. ويضاف إلى كل ذلك الأفق المسدود أمام الطالب لناحية العمل بعد استكمال تعليمه».
ويطالب عينا بتعديل المنهاج لناحية كتابي التاريخ والجغرافيا، «اللذين يتبعان المنهاج اللبناني، ما يشعر الطالب بغربة لكونهما لا يتضمنان معلومات عن تاريخ وجغرافية فلسطين ولا عن قضيتها».
يرى عينا أن الوكالة تبذل جهداً في تطوير القطاع التربوي منذ تولي مديرها العام الحالي سلفاتوري لومباردو لمهامه، ولو أن نواقص القطاع ما زالت كثيرة وأبرزها «المختبرات والروضات التي لا تملك «الأونروا» منها الا أربعا في مقابل 74 مدرسة، ما يضطر الأهل إلى إرسال أولادهم إلى دور للحضانة تابعة للمؤسسات الفلسطينية لا تتبع منهاجاً موحداً، ولا تعمل وفق أسس تربوية موحدة»، مستثنياً الحديث عن الثانويات لكون لبنان هو الإقليم الوحيد الذي تقدّم فيه «الأونروا» تعليماً ثانوياً، إذ انها غير مسؤولة عنه في الأقاليم الأربعة الأخرى.
يبقى أن النقطة الأضعف في الخطة التربوية الخاصة في الوكالة هي البارد حيث ما زال الطلاب يرتادون مدارس من حديد، باردة في الشتاء وحارة في الصيف يضاف إليها واقع مرير عمره من عمر تدمير المخيم.
يذكر أن عدد طلاب «الأونروا» يفوق ثلاثة وثلاثين ألفاً، يقوم بتدريسهم حوالى ألف وخمسمئة أستاذ وهم يتوزعون على 74 مدرسة ومهنيتين، وترصد لهم الوكالة نسبة 53،5 في المئة من ميزانيتها المعدّة للبنان.
قال أبو القاسم الشابي ذات يوم «إذا الشعب أراد يوماً الحياة فلا بدّ من ان يستجيب القدر». من يجُل في المخيمات يصادف لاجئين يريدون الحياة، ولهم سيستجيب القدر.